على مقربة من قاعة المداولة، وقفت صاحبة الثلاثين عاما تنتظر الإذن لها بالمثول أمام القاضى كى تقر برفضها الصلح مع زوجها والتنازل عن كافة حقوقها الشرعية والمالية مقابل خلعها منه بسبب تشبهه بالنساء.
كانت الزوجة الحسناء ترتدى ملابس أنيقة يغلب عليها السواد، وتطوق عنقها بوشاح حريرى داكن اللون، وتدارى عيناها التى أذهب الحزن والهم بريقها وراء عدسات نظارتها الشمسية باهظة الثمن وتتحايل على قلقها وبطء مرور الساعات بالعبث فى هاتفها المحمول.
وبوجه تعلوه ابتسامة باهتة تقص الزوجة حكايتها التى دامت لما يقرب من 8 سنوات لـ”صدى البلد” قائلة: “تزوجنا بعد قصة حب طويلة، وسافرت معه إلى إحدى الدول الأوروبية حيث يعمل مهندسا بإحدى شركاتها الكبرى، وما أن وطأت قدمى بيته، حتى أدركت كم غيرت الغربة من طباع زوجى وحولته إلى رجل أخر غير الذى أحببت، لا يفكر سوى فى المال، ويرتكب كل المعاصى بحجة التحرر والإنفتاح، ولا يغار على زوجته إذا اقترب منها غريب أو غازلها أو حاول ملامسة جسدها،و يحتسى الخمر ويقيم صداقات مع أجنبيات مسنات، حتى عندما قررت أن أرتدى الحجاب كنوع من إعلان تمسكى بشرقيتى وبعاداتى ودينى ورفضى لأسلوب حياتة المنفتحة، ثار وهددنى بالطلاق، واتهمنى بالتخلف والرجعية، ولأننى كنت أخشى على مستقبل الصغيرين إذا انفصلت عن والدهما وهما فى تلك السن المبكرة، تراجعت عن قرارى لكنى صرت أكثر تحفظا فى تعاملاتى هناك مع رفاقه”.
تدور ببصرها فى أرجاء الرواق المزدحم وهى تقول:”ومرت السنوات، وأنا أحاول أن أتأقلم على هذة الحياة التى كنت أشعر دائما أننى لا أنتمى إليها، وأمنى نفسى باليوم الذى ينصلح فيه حال زوجى لكنى يبدو أنى كنت مخطئة فى ظنى، فقد تمادى فى تشبهه بالغرب وأسلوب حياتهم وتفكيرهم، وغير طريقة لبسه على شاكلة بعضهم، وبات يطيل شعره ويعقده من الخلف على هيئة “ديل حصان” كالنساء، ويرتدى سلاسل فى يديه ورقبته لدرجة أننى بت أخجل وأشعر بالضيق من هيئته وعندما انتقدت مظهره جدد اتهاماته لى بالتخلف، فقررت أن اخرج من حياته وأن أعود إلى مصر بلا نية فى العودة إليه خاصة بعدما علمت من زوجة صديقه المقرب بالصدفة أنه ورث ثروة طائلة من أحد أقاربه، واشترى بها أراضى وممتلكات بمصر ولم يخبرنى بأمرها، حتى أظل أساعده فى النفقات وأطلب من أهلى إرسال أموال لى، ولولا أننى هددته بالإنتحار لما وافق على رحيلى”.
أنهت الزوجة سرد ماتبقى من تفاصيل حكايتها متعجلة فقد حان موعد نظر قضيتها: “وبالفعل عدت بعدها إلى مصر وأنا محطمة برفقة الصغيرين، ومر 6 شهور ولم يكلف زوجى أن يسأل عن نجليه أو يرسل إليهما أى نفقات رغم أنه يتحصل باسمهما على معونات مالية تقدر بـ36 ألف جنيه مصرى لأنهما يحملان جنسية البلد الأوربي علاوة على راتبه الذى يقترب من هذا المبلغ أيضا، وعندما راسلته وطلبت منه أن يرسل أموالا قال لى: “بيعى نفسك وأصرفى عليهم”، فلجأت إلى محكمة الأسرة وأقمت ضده دعوى خلع تحمل رقم 374 لسنة 2017 وطالبت بإلزامه فى دعوى أخرى بدفع مصروفات دراسة ابنه ونفقة شهرية له ولأخته”.